تيران وصنافير

أصدرت المحكمة الإدارية العليا في القاهرة قرارا يوم الاثنين 16 يناير الجاري قضى برفض طعن الحكومة المصرية في حكم بطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وباستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير.
وجاء في نص القرار أن "سيادة مصر مقطوع بها على الجزيرتين، وأن الحكومة لم تقدم وثيقة تثبت أن الجزيرتين سعوديتان... إن مصر ليست نقطة في خرائط الكون أو خطا رسمه خطاط، إنما هي من أكبر البلاد وأقدمها حضارة، وجيش مصر حديثا وقديما لم ولن يحتل أرضا ليست تابعة له."
‎وكانت الحكومة المصرية - ممثلة بهيئة قضايا الدولة - قد طعنت، أمام المحكمتين الدستورية والإدارية العليا، في حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية صدر عن محكمة القضاء الإداري مطلع الصيف الماضي.
وفي أعقاب هذا القرار أعلن رفيق شريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة الممثل للحكومة المصرية، أن الهيئة ستتدارس الحكم من كل جوانبه كافة تمهيدا لاتخاذ إجراءات قانونية أخرى بشأنه. وقال أن هذا الحكم سيسقط بمجرد أن يمارس البرلمان حقه الدستوري في مناقشة الاتفاقية وإقرارها.
وقد أثار قرار المحكمة، الذي جاء على عكس رغبة الحكومة المصرية، جدلا قانونيا وسياسيا وإعلاميا واسعا داخل مصر. وهناك من النواب البرلمانيين من يقول إن الحكم القضائي ملزم للحكومة فقط، وإن قبول الاتفاقيات الدولية أو رفضها من اختصاص مجلس النواب، باعتباره أعلى سلطة تشريعية في البلاد، وبالتالي فهو صاحب الكلمة الفصل في هذه القضية.
ولم يصدر عن السلطات السعودية أي تعليق أو رد فعل رسمي على قرار المحكمة العليا المصرية. كما تجاهلت معظم الصحف السعودية الإشارة إليه باستثناء صحيفة "عكاظ" التي استشهدت بآراء نواب في البرلمان المصري مؤيدين لسعودية الجزيرتين، وبخبراء قانونين مصريين صرحوا لها أن هناك جولات أخرى تنتظر هذا الملف.
ويشكل هذا الحكم بداية مرحلة جديدة من الصراع القانوني والسياسي بين المؤيدين والمعارضين للاتفاقية داخل مصر، ولربما يثير مشاكل قانونية مع السعودية بشأن السيادة على الجزيرتين قد يدفع الرياض إلى اللجوء للتحكيم الدولي.
وإذا كانت الرياض تتبنى موقف الانتظار والترقب من مجريات الأمور دون إبداء رأي حول تطوراتها، فإن القاهرة تشهد موقفا لقطاع واسع من الجماهير يرفض أي تنازل عن السيادة على تيران وصنافير.
وأيا كانت الخطوة القادمة للحكومة والبرلمان المصريين للخروج من المأزق الحالي، فإن الحكومة المصرية ستجد نفسها في موقف يطالبها بالتوفيق بين إرضاء الرأي العام من جهة، وإقناع الرياض بالعدول عن الاتفاق من جهة ثانية والبحث عن صيغة للخروج من الأزمة.
لكن طريق الحكومة المصرية في معالجة هذه القضية معبد بالمصاعب. فهناك حكم قضائي صدر ببطلان الاتفاقية مع الرياض وهناك رفض شعبي للتنازل عن السيادة على الجزيرتين. تنضاف إلى ذلك علاقات يشوبها توتر بين البلدين بسبب تباين مواقفهما من عدد من القضايا الاقليمية، وعلى رأسها الخلاف الواضح بين البلدين حول الملف السوري. ومؤخرا تم الاعلان عن اتفاق بين مصر والعراق تحصل مصر بمقتضاه على مليون برميل من النفط شهريا بشروط ميسرة، وذلك بعد أن توقفت شركة أرامكو السعودية عن تزويد مصر بالنفط.
فماذا بعد حكم بطلان اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير مع السعودية؟
الى اي حد يمكن أن يؤثر هذا الحكم على العلاقة بين الرياض والقاهرة؟
ما هو المخرج من الخلاف الحالي برأيك؟
كيف يمكن للبلدين تجاوز الخلاف حول موضوع الجزيرتين، والتركيز على مجالات التعاون المشترك بينهما؟
انت تشاهد احدث موضوع